859
أخبرنا الحسن بن بكير بعكا قال حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الأذرعي عن عبد الرحمن بن واصل عن أبي عبيد التستري قال: رأيت كأن القيامة قد قامت وقد اجتمع الناس فإذا المنادي ينادي: أيها الناس من كان من أصحاب الجوع في دار الدنيا فليقم إلى الغداء، فقام الناس واحداً بعد واحد ثم نوديت يا أبا عبيد قم فقمت وقد وضعت الموائد فقلت لنفسي: ما يسرني أتى، ثم أخبرنا أبو الحسن الهمذاني بمكة حرسها الله قال حدثنا محمد بن جعفر عن أحمد بن مسروق محال: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت والخلق مجتمعون إذ نادى مناد الصلاة جامعة فاصطف الناس صفوفاً فأتاني ملك عرض وجهه قدر ميل في طول مثل ذلك قال تقدم فصل بالناس فتأملت وجهه فإذا بين عينيه مكتوب جبريل أمين الله فقلت فأين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هو مشغول بنصب الموائد لإخوانه من الصوفية وذكر الحكاية.قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً". فمن رأى كأن القيامة قد قامت في مكان، فإنه يبسط العدل في ذلك المكان لأهله فينتقم من الظالمين هناك وينصر المظلومين لأن ذلك يوم الفصل والعدل.
ومن رأى كأنه ظهر شرط من أشراط الساعة بمكان مثل الطلوع بمكان الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض أو الدجال يأجوج ومأجوج، فإن كان عاملاً بطاعة الله عز وجل كانت رؤياه بشارة له، وإن كان عاملاً بمعصية الله أو هاماً بها كانت رؤياه له نذيراً.
ومن رأى كأن القيامة قد قامت وهو واقف بين يدي الله عز وجل كانت الرؤيا أثبت وأقوى وظهور العدل أسرع وأوحى.وكذلك إن رأى في منامه كأن القبور قد انشقت والأموات يخرجون منها دلت رؤياه على بسط العدل.
ومن رأى قيام القيامة وهو في حرب كان ذلك نصر له.
ومن رأى أنه في القيامة دلت رؤياه على سفراً.
ومن رأى كأنه حشر وحده أو مع واحداً آخر دلت رؤياه على أنه ظالم لقوله تعالى"احشروا الذين ظلموا وأزواجهم".
ومن رأى كأن القيامة قد قامت عليه وحده دلت رؤياه على موته لما روي في الخبر أنه من مات قامت قيامته.
ومن رأى كأنه قرب من الحساب، فإن رؤياه تدل على غفلته عن الخير وإعراضه عن الحق لقوله تعالى"اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون".
ومن رأى كأنه حوسب حساباً يسيراً دلت رؤياه على شفقة زوجته عليه وصلاحها وحسن دينها.
ومن رأى كأنه حوسب حساباً شديداً دلت رؤياه على خسران يقع له لقوله تعالى"فحاسبناها حساباً شديداً".
ومن رأى كأن الله سبحانه وتعالى يحاسبه وقد وضعت أعماله في الميزان فرجحت حسناته على سيئاته، فإنه في طاعة عظيمة ووجب له عند الله مثوبة عظيمة، وإن رجحت سيئاته على حسناته، فإن أمر دينه مخوف.
ومن رأى كأن الميزان بيده، فإنه على الطريقة المستقيمة لقوله تعالى"وأنزلنا معهم الكتاب والميزان".
ومن رأى كأن ملكاً ناوله كتاباً، وقال له اقرأ، فإن كان من أهل الصلاح نال سروراً، وإن لم يكن كان أمره مخوفاً لقوله تعالى"اقرأ كتابك".
ومن رأى أنه على الصراط، فإنه مستقيم على الدين.
ومن رأى أنه زال عن الصراط والميزان والكتاب وهو يبكي، فإنه يرجى له إن شاء الله تسهيل أمور الآخرة عليه.