التصنيفات
ابن سيرين

رؤيا الصالحين لبعض رضي الله عنهم

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الأخميمي بمصر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن سلامة الطحاوي قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن جناد، وإبراهيم بن أبي داود وأبو أمية قالوا: حدثنا سليمان بن حرب واللفظ لابن جناد قال حدثنا حماد بن زيد عن الحجاج الصواف وأبي الزبير عن جابر أن الطفيل بن عمرو أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله هل لك في حصن حصنه ومنعه حصين كان لدوس في الجاهلية فأفتى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكر الله تعالى للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاحتوى المدينة فمرض فخرج فأخذ مشاقص وقطع بها براجمه وشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في هيئة حسنة، فقال: ما صنع بك ربك، فقال: غفر لي بهجرتي إلى المدينة إلى نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال: ما لي أراك مغطياً يديك، فقال: قيل لي أنه لا تصلح منك ما أفسدت، فقال: قصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر.أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن بدران الفقيه بمكة قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: قال محمد حدثني مالك بن ضيغم قال سمعت بكر بن معاذ يذكر عن عنبسة الخواص أن رجلاً من الصدر الأول دخل المقابر فمر بجمجمة بادية من بعض القبور فحزن حزناً شديداً وواراها بالثرى ثم التفت يميناً وشمالاً فلم ير أحداً ولم ير إلا قبراً، قال فحدث نفسه، فقال: لو كشف لي عن بعضهم فسألته عما أرى، قال فأتى في منامه فقيل له: لا تغتر بتشييد القبور من فوقهم، فإن القوم قد بليت خدودهم في التراب فمن بين مسرور ينتظر ثواب الله، ومن بين مغموم أشفى على عقابه فإياك والغفلة عما رأيت، فاجتهد الرجل بعد ذلك اجتهاداً كثيراً حتى مات.أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسن بن شيظم البلخي قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا أحمد بن أبي صالح الكرابيسي قال: سمعت إبراهيم الدلال إبن أخي مكي بن إبراهيم يقول: سمعت إبن عيينة يقول: رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت ما صنع الله بك قال فذكر شيئاً، قلت بما نجاك الله قال بقلة معرفتي بالناس، قال فقلت له أوصني، قال: أقلل من معرفة الناس.أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد المهرجاني قال أخبرنا جعفر بن محمد العرائي حدثنا محمد بن الحسين البلخي عن عبد الله بن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن عطية بن قيس عن عوف بن مالك الأشجعي أنه كان مؤاخياً لرجل من قيس يقال له محلم ثم أن محلماً حضره الموت فأقبل عليه عوف، فقال: يا محلم إذا أنت وردت فأرجع إلينا وأخبرنا بالذي صنع بك، فقال إن كان ذلك يكون لمثلي فعلت، فقبض محلم ثم أقام عوف بعده عاماً فرآه في المنام، فقال: يا محلم ما صنعت وما صنع بكم قال: وفينا أجورنا كلنا إلا خواص قد هلكوا في الشر الذين يشار إليهم بالأصابع والله قد وفيت أجري كله حتى وفيت أجر هرة ضلت في أهلي قبل وفاتي بليلة، وأصبح عوف فغدا على إمرأة محلم، فلما دخل قالت له: مرحباً زوراً أضيفاً بعد محلم، فقال عوف: هل رأيت محلماً بعد وفاته قالت: نعم رأيته ونازعني ابنتي ليذهب بها معه فأخبرها عوف بالذي رأى وما ذكره من الهرة التي ضلت، قالت لا علم لي بذلك خدمي.أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن بدران الفقيه بمكة عن إبراهيم بن العرر عن إبن أبي الدنيا عن محمد بن الحسين عن سعيد بن خالد بن زيد الأنصاري عن رجل من أهل البصرة ممن يحضر القبور قال: حضرت قبراً ذات يوم فوضعت رأسي قريباً منه فأتتني امرأتان في منامي، فقالت إحداهما: يا عبد الله نشدتك الله ألا صرفت عنا هذه المرأة ولم تجاورنا بها، قال فاستيقظت فزعاً فإذا بجنازة إمرأة قد جيء بها فقلت القبر وراءكم فصرفتهم إلى ذلك القبر، فلما كان الليل إذا بالمرأتين في منامي تقول إحداهما: جزاك الله عنا خيراً فلقد صرفت عنا شراً طويلاً، قلت: ما بال صاحبتك لا تكلمني كما تكلميني قالت: إن هذه ماتت عن غير وصية وحق لمن مات عن غير وصية أن لا يتكلم إلى يوم القيامة.أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن حماد عن أبي سعيد إسماعيل بن إبراهيم قال: سمعت أبا إسحاق الخواص بالشام يقول: كان رجل يخدم داود الطائي ويكنى بأبي عبد الله، فقال له: إن مت فاغسلني ولا تخبر بي أحداً، قال، فلما أن مات رأيته في المنام على نجيب في هودج له أربعة آلاف باب بستائر مرخاة والريح تخفق فقلت يا داود ادع الله أن يلحقني بك، فقال: احفظ عني ثلاثاً: داو قروح بطنك بالجوع واقطع مفاوز الدنيا بالأحزان وآثر حب الله تعالى على هواك ولا تبال متى تلقى.أخبرنا أبو القاسم الحسين بن بكر بن هارون عن أبي محمد المرعشي عن أحمد بن محمد بن الحجاج قال: تفقهت للشافعي ولمالك ولأحمد بن حنبل رضي الله عنهم وجميع من يوصل إليه الفقه فاختلفت على أقاويلهم واختلافاتهم في المسائل فأحببت أن آخذ بأصح أقوالهم فسألت الله تعالى أن يريني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فوقع في روعي أنك سترى ليلة الجمعة، فلما كان ليلة الجمعة في السحر وأنا قد فرغت من وردي وقد قعدت على ظهري منتظراً المؤذن غلبتني عيناي فوقع في روعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم علي فدخل رجل نجراني عليه طيلسان وثياب بيض فسلم وجلس ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقبلت بين عينيه، ورأيته على النعت الذي كان معي وعلى الصفة التي كانت معي ومعه جماعة من أصحابه فجلس وجلست بين يديه فسألته من مسائل ثم انتهيت إلى ما كان في نفسي من الفقه فسألته عن مسألة، فقال: إني على ما يقول هذا وأومأ إلى الداخل قبله، ثم سألته عن أخرى، فقال: على ما يقول هذا ثم سألته على مسائل الاختلاف فكان يومي بيده ويقول على ما يقول هذا فوقع في روعي أنه أحمد بن حنبل، فقلت يا رسول الله لقد ابتلي فيك، فصبر، فقال لي: انظر ما فعل الله به ثم التفت إلي، فقال: تصلي معنا الغداة فقلت يا رسول الله ما أحوجني إلى ذلك، فأقيمت الصلاة وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى.أخبرنا الوليد بن أحمد عن عبد الرحمن بن أبي حاتم عن محمد بن يحيى الواسطي عن محمد بن الحسين عن يحيى بن بسطام الأصغر عن يحيى بن ميمون عن واصل موالي إبن عيينة عن رجل من بلحرث يقال له صالح البراد قال: رأيت زرارة بن أوفى بعد موته في منامي فقلت يرحمك الله ماذا قيل لك وماذا قلت فأعرض عني فقلت ماذا صنع الله بك فأقبل علي، فقال: تفضل علي بوجوده وكرمه، قال: قلت وأبو العلاء يزيد أخو مطرف قال بخ بخ صار إلى رضوان الله عز وجل، قلت وأخوه مطرف قال: ذاك في الدرجات العلا، قلت فأي الأعمال أنفع عندكم قال: التوكل وقصر الأمل.أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ويحيى عن محمد بن إبراهيم العدوي عن أبي عمرو عبد الرحمن بن أبي وصافة عن أبي القاسم البزار قال: قال علي بن الموفق: حججت نيفاً وخمسين حجة وجعلت ثوابها للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم ولأبوي وبقيت حجة واحدة، قال: فنظرت إلى أهل الموقف بعرفات وضجيج أصواتهم فقلت اللهم إن كان في هؤلاء واحد لم يتقبل حجة فقد وهبت له هذه الحجة ليكون ثوابها له.
التصنيفات
ابن سيرين

المنازعات والمخاصمات وما يتصل بها

أما البغض: غير محمود لأن المحبة نعمة من الله تعالى والبغض ضدها وضد النعمة الشدة، وقد ذكر الله تعالى فضله على المؤمنين برفع العداوة الثابتة بينهم بمحبة الإسلام، فقال تعالى"إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً".والبغي: راجع على الباغي والمبغى عليه منصور لقوله تعالى"إنما بغيكم على أنفسكم"وقال تعالى"ثم بغي عليه لينصرنه الله".والتهدد: ظفر للمتهدد بالمتهدد وأمن له وأمان.وأما الحسد: هو فساد للحاسد وصلاح للمحسود.وأما الخداع: فالخادع مقهور والمخدوع منصور لقوله تعالى"وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله".والخصومة: مصالحة، فمن رأى أنه خاصم خصماً صالحه.والخيانة: هي الزنا.والنقب: مكر.
ومن رأى كأنه نقب في بيت وبلغ، فإنه يطلب إمرأة ويصل إليها بمكر.
ومن رأى كأنه نقب في مدينة، فإنه يفتش عن دين رجل عالم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها.
ومن رأى كأنه نقب في صخر، فإنه يفتش عن دين سلطان قاس.وأما الرفس: فمن رأى رجلاً يرفسه برجله، فإنه يعيره بالفقر ويتصلف عليه بغناه.وأما الضرب: فإنه خير يصيب المضروب على يدي الضارب إلا أن يرى كأنه يضربه بالخشب، فإنه حينئذ يدل على أنه يعده خيراً فلا يفي له به.
ومن رأى كأن ملكاً يضربه بالخشب، فإنه يكسوه، وإن ضربه على ظهره، فإنه يقضي دينه، وإن ضربه على عجزه، فإنه يزوجه، وإن ضربه بالخشب أصابه منه ما يكره، وقيل إن الضرب يدل على التغيير، وقيل إن الضرب وعظ.
ومن رأى كأنه يضرب رجلاً على رأسه بالمقرعة وأثرت في رأسه وبقي أثرها عليه، فإنه يريد ذهاب رئيسه، فإن ضرب في جفن عينه، فإنه يريد هتك دينه، فإن قلع أشفار جفنه، فإنه يدعوه إلى بدعة، فإن ضرب جمجمته، فإنه قد بلغ في تغييره نهايته وينال الضارب بغيته، فإن ضربه على شحمة أذنه أو شقها وخرج منها دم، فإنه يفترع إبنة المضروب، وقيل إن كل عضو من أعضائه يدل على القريب الذي هو تأويل ذلك العضو، وقيل إن الضرب هو الدعاء، فمن رأى أنه يضرب رجلاً، فإنه يدعو عليه، فإن ضربه وهو مكتوف، فإنه يكلمه بكلام سوء ويثني عليه بالقبيح.والخدش: هو الطعن والكلام.وأما الرضخ: فمن رأى كأنه يرضخ رأسه على صخرة، فإنه لا ينام ولا يصلي العتمة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.وأما الرجم: فمن رأى كأنه يرجم إنساناً، فإنه يسب ذلك الإنسان.وأما السب: فهو القتل.
ومن رأى كأن إنساناً أسمعه شتماً نالت منه أذى ثم يظفر به وينتصر عليه، وقيل هو حق يجب للمشتوم على الشاتم كما أن عليه أي المفتري الحد له، وإن كان الشاتم ملكاً فالمشتوم أحسن حالاً من الشاتم لأنه مبغي عليه والمبغي عليه منصور.
ومن رأى كأنه يصيح وحده، فإن قوته تضعف، فإن رفع صوته فوق عالم، فإنه يرتكب معصية لقوله تعالى"لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي". والعلماء ورثة الأنبياء.وأما السخرية: فهي الغبن، فمن رأى كأنه سخر به، فإنه يغبن.وأما الصفع: إذا كان على جهة المزاح فاتخاذ يد عند المصفوع.وأما العداوة: فمن رأى كأنه يعادي رجلاً، فإنه يظهر بينهما مودة لقوله تعالى"عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة".والغيبة: راجعة بمضرتها إلى صاحبها، فإن اغتاب رجلاً بالفقر ابتلي بالفقر، وإن اغتابه بشيء آخر ابتلى بذلك الشيء.وأما الغيظ: فمن رأى كأنه مغتاظ على إنسان، فإن أمره يضطرب وماله يذهب لقوله تعالى"ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً".وأما الغضب: فإن غضب على إنسان من أجل الدنيا، فإنه رجل متهاون بدين الله، وإن غضب لأجل الله تعالى، فإنه يصيب قوة وولاية لقوله تعالى"ولما سكت عن موسى الغضب".وأما الغالب في النوم: فمغلوب في اليقظة.وأما اللطم: فمن رأى كأنه يلطم إنساناً، فإنه يعظه وينهاه عن غفلة.وأما المقارعة: فمن رأى أنه يقارع رجلاً أصابته القرعة، فإنه لم يظفر به ويغلبه في أمر حق، فإن وقعت القرعة له ناله هم وحبس ثم يتخلص لقوله عز وجل"فساهم فكان من المدحضين".وأما المصارعة: فإن اختلف الجنسان فالمصارع أحسن حالاً من المصروع كالإنسان والسبع، فإن كان المصارعة بين رجلين فالصارع مغلوب.وأما الذبح: فعقوق وظلم.والهدية: خطبة، فمن رأى أنه أهدى إلى أحد هدية أو أهدي إليه شيء خطبت إليه إبنته أو إمرأة من أقربائه وحصل النكاح لقوله تعالى"وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون". فكانت بلقيس مرسلة بالهدية وكان سليمان خاطباً لها، وقيل إن الهدية المحبوبة تدل على وقوع صلح بين المهدي والمهدى إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا.وأما إستراق السمع: فهو كذب ونميمة لقوله تعالى"يلقون السمع وأكثرهم كاذبون". ويقتضي أن يصيب مسترق السمع مكروه من جهة السلطان لقوله تعالى"إلاً من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين".وأما الاستماع: فمن رأى كأنه يستمع، فإن كان تاجراً استقال من عقدة بيع، وإن كان والياً عزل لقوله تعالى"إنهم عن السمع لمعزولون".
ومن رأى كأنه يستمع على إنسان، فإنه يريد هتك ستره وفضيحته.
ومن رأى كأنه يسمع أقاويل ويتبع أحسنها، فإنه ينال بشارة لقوله تعالى"فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه".
ومن رأى كأنه سمع صوتاً طيباً صافياً، فإنه ينال ولاية.
ومن رأى كأنه يسمع ويجعل نفسه أنه لا يسمع، فإنه يكذب ويتعود ذلك لقوله تعالى"يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم".وأما الاختيار: من رأى كأنه مختار في قومه، فإنه يصيب رياسة لقوله تعالى"وربك يخلق ما يشاء ويختار".وأما إخراج الرجل من داره ومستقره: فإنه يدل على نجاته من الهموم.وحكي أن رجلاً أتى بعض المعبرين، فقال: رأيت كأن جيراني أخرجوني من داري، فقال له المعبر: ألك عدو قال: نعم، قال: وهل أنت في حزن قال: نعم، قال: البشارة، فإن الله تعالى ينجيك من شر كل عدو ويفرج عنك كل هم وحزن لقوله تعالى في قوم لوط"أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله".وأما البرهان: من رأى في منامه كأنه يأتي ببرهان على شيء، فإنه في خصومة مع إنسان والحجة له عليه فيها لقوله تعالى"هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".وأما الدعاء: فمن دعا ربه في ظلمة، فإنه ينجو من غم.
ومن رأى أنه يدعو رجلاً، فإنه يتضرع إليه مخافة منه.وأما الهاتف: فمن رأى أنه سمع صوت هاتف بأمر أو نهي أو بشارة أو نذارة فهو كما سمعه بلا تفسير، وكذلك كلام الموتى، وكذلك كلام كل الطيور لصاحب الرؤيا مبشر بنيل ملك عظيم وعلم وفقه.وأما الكلام بلغات شتى: من رأى ذلك فإنه يملك ملكاً عظيماً.وأما المشاورة: فكل فاسق شاور عفيفاً إقترب إلى التوبة، وكل عفيف شاور فاسقاً فقد دنا إلى بدعة، وإن شاور عفيفاً أراد صلاحاً، وإن شاور فاسقاً فاسق حصل له ترياق من السموم.وأما التدلي: من رأى كأنه تتدلى من سطح إلى أرض بحبل، فإنه يتورع في جميع أحواله ويترك طلب حاجاته استعمالاً للورع.
ومن رأى أنه يسقط من سطح إلى أرض، فإنه يقنط من رجل كان يأمله أو يسقط من مرتبته بسبب كلام يتكلم به.
ومن رأى كأنه في سقوطه وقع في وحل.وأما التعزية: من رأى كأنه عزى مصاباً نال أمناً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عزى مصاباً فله مثل أجره.
ومن رأى كأن عزى نال بشارة لقوله تعالى"وبشر الصابرين".وأما تغيير الاسم: من رأى كأنه يدعى بغير إسمه، فإن دعي باسم قبيح، فإنه يظهر به عيب فاحش أو مرض فادح، فإن دعي باسم حسن مثل محمد أو علي أو حسن أو سعيد نال عزاً وشرفاً وكرامة على حسب ما يقتضيه معنى ذلك الإسم.وأما تزكية المرء نفسه: فإنها تدل على اكتسابه إثماً لقوله تعالى"فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى".
ومن رأى كأن شاباً مجهولاً يزكيه، فإنه يصيب ذكراً حسناً جميلاً في عامة الناس، وإن كان الشيخ والشاب معروفين نال بسببهما رياسة وعزاً.وأما التملق: من رأى كأنه يتملق إنساناً في شيء من متاع الدنيا فذلك مكروه.
ومن رأى كأنه يتملق له في علم يريد أن يعلمه إياه أو عمل من أعمال البر يستعين به عليه، فإنه ينال شرفاً ويصح دينه ويدرك طلبته لما روي في الآثار أن الملق ليس من أعمال المؤمن إلا في طلب العلم، وقيل إن الملق لمن تعود ذلك في أحواله غير مكروه في التأويل ولمن لم يتعود ذلك ذلة ومهانة.وأما التوديع: من رأى كأنه يودع امرأته، فإنه يطلقها، وقيل إن التوديع يدل على مفارقة المودع المودع بموت أو غيره من أسباب الفراق، ويدل على افتراق الشريكين وعزل الوالي وخسران التاجر، وقيل إن التوديع محبوب في التأويل وهو يدل على مراجعة المطلقة ومصالحة الشريك وربح التاجر وعود الولاية إلى الوالي وبرء المريض وذلك لأنه من الوداع ولفظه يتضمن الودع وهو الدعة والراحة وأيضاً، فإن الوداع إذا قلب صار عادوا وأنشد:إذا رأيت الوداع … فافرح ولا يهمنك البعادوانتظر العود عن قريب … فإن قلب الوداع عادواوأما التواري: من رأى أنه توارى، فإنه تولد له بنت لقوله تعالى"يتوارى من القوم". وقيل من رأى كأنه توارى في بيت، فإنه يفر لقوله تعالى"إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً".وأما النورة: فقد حكي أن قتيبة بن مسلم رأى بخراسان كأنه نور جسده فحلقت النورة الشعر حتى انتهت إلى عورته فلم تحلقها فرفعت رؤياه إلى ابن سيرين، فقال: أنه يقتل ولا يوصل إلى عورته يعني حرمه، فكان الأمر كما عبره.والتنور: في موضع السنة إذا ذهب بشعر العانة دليل الفرج فإذا لم يذهب بشعر العانة فدليل ركوب الدين وزيادة الحزن.وأما التهاون: من رأى في منامه كأنه تهاون بمؤمن، فإن دينه يختل ويقنط من رجل يرجوه وتستقبله ذلة.
ومن رأى كأن غيره تهاون به وكان شاباً مجهولاً ظفر بعدوه، وإن تهاون به شيخ مجهول افتقر لأنه جده.وأما التمطي: فملالة من أمر أو كسل في عمل.وأما الحراسة: إن رأى أن غيره يحرسه، فإنه يقع في محنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما دام أصحابه يحرسونه كان في محنة، فلما فرج الله تعالى عنه قال لأصحابه: ارجعوا فقد عصمني الله.
ومن رأى كأنه يحرس غيره كيلا يظلم، فإنه يأمن شر الشيطان، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة أعين لا تمسها النار، عين حرست في سبيل الله، وقيل إن حارس الغير يرزق الجهاد لهذا الخبر الذي رويناه.وأما الحطب: من رأى أنه يحتطب في الأرض، فإنه يكون مكثاراً تماماً لقوله تعالى"وامرأته حمالة الحطب". يعني النميمة، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: المكثار كحاطب الليل.وأما الحفر: من حفر أرضاً وكان التراب يابساً نال قدره مالاً، وإن كان رطباً، فإنه يمكر بإنسان لأجل ما يناله ويناله من ذلك المكان تعب بقدر رطوبة التراب.وأما الحلف: من الأصل هو دليل غرور وخداع لقوله تعالى"وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور"وقوله"فيحلفون له كما يحلفون لكم". والحلف الصادق ظفر وقول حق لقوله تعالى"وإنه لقسم لو تعلمون عظيم". والحلف الكاذب خذلان وذلة وارتكاب معصية وفقر لقوله تعالى"ولا تطع كل حلاف مهين". ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع.وأما الدغدغة: فمن رأى كأنه يدغدغ رجلاً، فإنه يحول بينه وبين حرفته.وأما الذرع: فمن ذرع ثوباً بشبره أو أرضاً أو خيطاً، فإنه يسافر سفراً بعيداً، فإن مسحه بعقد إصبع، فإنه يتحول من محلة إلى محلة.وأما رعي النجوم: فإنه يدل على ولاية.وأما الرحمة: من رأى كأنه يرحم ضعيفاً، فإن دينه يقوى ويصح لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا.
ومن رأى كأنه مرحوم، فإن الله يغفر له.
ومن رأى كأن رحمة الله تنزل عليه نال نعمة لقوله تعالى"ولولا فضل الله عليكم ورحمته". وهي النعم.
ومن رأى كأنه رحيم فرح، فإنه يرزق حفظ القرآن لقول تعالى"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا". قالوا الرحمة هنا القرآن.وأما السؤال: من رأى أنه يسأل، فإنه يطلب العلم ويتواضع لله ويرتفع.وأما الشغل: من رأى كأنه مشغول، فإنه يتزوج بكراً ويفترعها لقوله تعالى"إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون".والشفاعة: قيل إنها تدل على غش، وقيل إنها تدل على عز وجاه، فإنه لا يشفع من لا جاه له.وأما الطلب: فمن رأى كأنه يطلب شيئاً، فإنه ينال مناه لما قيل من طلب شيئاً ناله أو بعضه.
ومن رأى كأن أحداً يطلبه، فإنه هم يصيبه.وأما العلو: فمن رأى كأنه يريد أن يعلو على قوم فعلاً، فإنه يستكبر ثم يذل لقوله تعالى"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لاً يريدون علواً في الأرض ولاً فساداً والعاقبة للمتقين".
ومن رأى كأن غيره عفا عنه طال عمره ونال رفعة.وأما العظم: فمن رأى كأنه عظم حتى صارت جثته أعظم من هيئة الناس، فإنه دليل موته.وأما العمل الناقص: فيدل على الإياس عن المرجو ووقوع الخلل في الرياسة.وأما العقد: فهو على القميص عقد تجارة وعلى الحبل صحة دين وعلى المنديل إصابة خادم وعلى السراويل تزوج إمرأة وعلى الخيط إبرام أمر هو فيه من ولاية أو تزويج أو تجارة، فإن انعقد الخيط تيسر ما يطلبه، وإن لم ينعقد تعسر مرامه وتعذر مطلوبه.
ومن رأى كأن العقدة وقعت على شيء من هذه الأشياء من غير أن يعقدها، فإنه تدل على ضيق وغم من قبل السلطان.
ومن رأى كأن غيره فتحها كان ذلك الغير سبب فرجه عنه.
ومن رأى كأنه فتحها بعد جهد، فإنه ينجو من ذلك بعد جهد.
ومن رأى كأنها انفتحت بنفسها، فإن الله تعالى يفرج عنه من حيث لا يحتسب.وأما العدد: فيختلف باختلاف المعدود.
ومن رأى كأنه يعد دراهم فيها اسم الله فهو يسبح.
ومن رأى كأنه يعد دنانير فيها اسم الله تعالى، فإنه يستفيد علماً.
ومن رأى فيها نقش صورة، فإنه يشتغل بأباطيل الدنيا.
ومن رأى كأنه يعد لؤلؤاً، فإنه يتلو القرآن.
ومن رأى كأنه يعد جوهراً، فإنه يتعلم العلم أو يدرسه.
ومن رأى كأنه يعد خرزاً، فإنه مشتغل بما لا يعنيه.
ومن رأى كأنه يعد بقرات سماناً، فإنه تمضي عليه سنون خصبة.
ومن رأى كأنه يعد جمالاً وحمولاً، فإن كان سلطاناً أفاد من أعدائه مالاً قيمته توافق تلك الحمول، وإن كان دهقاناً أمطر زرعه، وإن كان تاجراً نال ربحاً كثيراً.
ومن رأى كأنه يعد جاورساً، فإنه يقع في شدة وتعب في معيشته، وكذلك العدد في كل شيء سواه يرجع إلى جوهره.والعجب: في التأويل ظلم، فمن رأى كأنه أعجب بنفسه أو بغناه أو بقوته، فإنه يظلم.وأما عتق العبد: فهو موت المعتق.
ومن رأى حراً كأنه قد أعتق، فإنه يضحي عن نفسه أو يضحي غيره عنه، وإن كان صاحب الرؤيا مريضاً نال العافية، وإن كان مديوناً وجد قضاء ديونه.والعجلة: في التأويل ندامة كما أن الندامة عجلة.وأما العتاب: يدل على المحبة.
ومن رأى كأنه يعاتب نفسه، فإنه يعمل عملاً يندم عليه ويلوم عليه نفسه لقوله تعالى"يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها".وأما غزل المرأة: إن رأت المرأة كأنها تغزل وتسرع الغزل، فإن غائباً لها يقدم، وإن رأت كأنها تبطئ الغزل، فإنها تسافر ويسافر زوجها، فإن انقطعت فلكة المغزل، انتقض تدبير السفر وانتقض تدبير الغائب للرجوع.وإن رأت كأنها تغزل سحاباً، فإنها تسعى إلى مجالس الحكمة.وإن رأت كأنها تغزل قطناً، فإنها تخون زوجها.
ومن رأى رجل كأنه يغزل قطناً وكتاناً وهو في ذلك يتشبه بالنساء، فإنه ينال ذلاً ويعمل عملاً حلالاً، فإن كان الغزل دقيقاً، فإنه عمل بتقتير، وإن كان غليظاً، فإنه سفر في نصب وتعب.وغسيل اليدين بالأشنان: يدل على قطع الصداقة ويدل على انقطاع الخصومة، وقيل إنه نجاة من الخوف، وقيل إنه إياس من مرجو، وقيل إنه توبة من الذنوب.وأما فعل الخير: من رأى كأنه يعمل خيراً، فإنه ينال مالاً.
ومن رأى كأنه أنفق مالاً في طاعة الله، فإنه يرزق مالاً لقوله تعالى"وما تنفقوا من خير يوف إليكم".وأما الفراسة وتوسم بعض الغائبات: فيدل على كثرة الخير والأمن من السوء لقوله تعالى"ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء".وأما الفتل: من رأى كأنه يفتل حبلاً أو خيطاً أو يلويه على نفسه أو على قصبة أو خشبة، فإنه سفر.وأما القوة: من رأى فضل قوة لنفسه، فإن اقترن برؤياه ما يدل على الخير كانت قوته في أمر الدين وإلا كانت قوته في أمر الدنيا، وقيل إن القوة ضعف لقوله تعالى"من بعد قوة ضعفاً".وأما كثرة العدد: من رأى كثرة العدد والزحام والبؤس، فإن كان والياً كثرت جنوده وارتفع إسمه وسلطانه، وإن كان تاجراً كثر معاملوه، وإن كان داعياً كثر مستجيبوه.وأما كلام الأعضاء: يدل كل عضو على افتقار من هو تأويل ذلك العضو من أقرباء صاحب الرؤيا.وأما اللوم: من رأى كأنه يلوم غيره على أمر، فإنه يفعل مثل ذلك الأمر فيستحق اللوم لما قيل: وكم لائم لام وهو مليم، فمن رأى كأنه يلوم نفسه على أمر، فإنه يدخل في أمر متشوش مضطرب يلام عليه ثم يخرجه الله تعالى من ذلك وتظهر براءته من ذلك للناس فيخرج من ملامتهم لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام"إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي".وأما البيعة: من رأى كأنه بايع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأشياعهم، فإنه يتبع الهدى ويحافظ على الشرائع.
ومن رأى كأنه بايع أميراً من أمراء الثغور، فإنه بشارة له ونصرة له على أعدائه وجد في العبادة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر لقوله تعالى"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة". إلى قوله"وبشر المؤمنين".
ومن رأى كأنه بايع فاسقاً، فإنه يعين قوماً فاسقين، فإن بايع تحت شجرة، فإنه ينال غنيمة في مرضاة الله تعالى لقوله تعالى"لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة".وأما نسج الثوب: يدل على سفر، فإن نسج ثوبه ثم قطعه، فإن الأمر الذي هو طالبه قد بلغ آخره وانقطع، وإن كان في خصومة انقطعت، وإن كان في حبس فرج عنه، ونسج القطن والصوف والشعر والأبريسم كله سواء.
ومن رأى الثوب مطوياً سفر ونشر الثوب قدومه من سفر أو قدوم غائب له.وأما الوعد: فمن رأى كأنه وعد وعداً حسناً فهو لاقيه.
ومن رأى كأن عدوه وعده خيراً أصابه مكروه من عدوه أو من غيره.
ومن رأى كأن عدوه وعده شراً أصاب خيراً من عدوه أو من غيره، ونصيحة العدو غش لقوله تعالى في قصة آدم عليه السلام حكاية عن إبليس"هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى". وكل أفعال العدو بعدوه فتأويلها ضدها.والوحدة: في التأويل ذل وافتقار وعزل الملك.ووزن المال: بين المتبايعين غرامة.وأما الإرضاع: إن رأت إمرأة كأنها ترضع إنساناً، فإنه انغلاق الدنيا عليها أو حبسها لأن المرضع كالمحبوس ما لم يخل الصبي ثديها وذلك لأن ثديها في فم الصبي ولا يمكنها القيام، وكذلك الذي يمص اللبن كائناً من كان من صبي أو رجل أو امرأة، وإن كانت المرضع حبلى سلمت بحملها.وأما تنفس الصعداء: دليل على أنه يعمل ما يتولد منه حزن.وأما البكاء: سرور.وخفقان القلب: ترك أمر من خصومة أو سفر أو تزويج.وأما الصبر: من رأى كأنه يصبر على ضر نال رفعة وسلامة لقوله تعالى"أولئك يجزون الغرفة بما صبروا".واجتماع الشمل: دليل الزوال لقبوله تعالى"حتى إذا أخذت الأرض زخرفها"الآية، وأنشد:إذا تم أمر بدا نقصه … توقع زوالاً إذا قيل تموالمعانقة: مخالطة ومحبة.
ومن رأى كأنه عانقه ووضع رأسه في حجره، فإنه يدفع إليه رأس ماله ويبقى عنده.وأما القبلة: بالشهوة فظفر بالحاجة وتقبيل الصبي مودة بين والد الصبي وبين الذي قبله، وتقبيل العبد مودة بين المقبل وسيده.
ومن رأى كأنه قبل والياً ولي مكانه، وإن قبل سلطاناً أو قاضياً قبل ذلك السلطان أو القاضي قوله، وإن قبله السلطان أو القاضي نال منهما خيراً.
ومن رأى كأن رجلاً قبل بين عينيه، فإنه يتزوج.والعض: كيد، وقيل حقد، وقيل العض يدل على فرط المحبة لأي معضوض كان من آدمي أو غيره، فإن عض إنساناً وخرج منه دم كان الحب في إثم، فإن عض إصبعه ناله هم في مخاطرة دينه.وأما المص: أخذ مال، فإن مص ثدييه أخذ من إمرأته مالاً، وكذلك كل عضو يدل على قريب.وأما القرص: طمع، فإن بقي في يده من قرصه لحم نال من طمعه، وإن قرص إليته، فإنه يخونه.والنور: في التأويل هو الهدى والظلمة هي الضلالة.والخراب: ضلالة لمن رأى أنه فيها إذا كان صاحب دنيا.
ومن رأى أن عامراً تساقط وخرب، فإن ذلك مصائب تصيب أهل ذلك الموضع.
التصنيفات
ابن سيرين

أنواع المعاملات الجارية بين الناس

البيع: يختلف في التأويل بحسب اختلاف المبيع.
ومن رأى كأنه يباع أو ينادى عليه، فإنه إن كان مشتريه رجلاً ناله هم، وإن اشترته إمرأة أصاب سلطاناً أو عزاً وكرامة، وكلما كان ثمنه أكثر كان أكرم، وإنما قلنا إن البيع في الرؤيا يقتضي إكرام المبيع لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام"وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه". وكل ما كان شراً للبائع كان خيراً للمبتاع، وما كان خيراً للبائع فهو شر للمبتاع، وقيل إن البيع زوال ملك والبائع مشتري والمشتري بائع، والبيع إثارة على المبيع، فإن باع ما يدل على الدنيا آثر الآخرة عليها، وإن باع ما يدل على الآخرة آثر الدنيا عليها، وإلا استبدل حالاً بحال على قدر المبيع والثمن، وبيع الحر ذلته وحسن عاقبته لقصة يوسف عليه السلام.وأما الرهن: فمن رأى كأنه رهينة في موضع، فإن رؤياه تدل على أنه قد اكتسب ذنوباً كثيرة لقوله تعالى"كل نفس بما كسبت رهينة". وقيل إن المرهون مأسور.
ومن رأى كأنه رهن عنده رهن، فإنه يظلم في شيء ويبخس حقه ثم يصل إلى حقه بسبب الراهن الذي رهن عنده الرهن والمرهون مأسور بذنب أو دين عند المرتهن، وكذلك الراهن حتى يفك رهنه.وأما الإجارة: فإن المستأجر رجل يخدع صاحب الإجارة ويغره ويحثه على أمر مضطرب، وإذا انخدع له تبرأ منه وتركه في الهلكة.وأما الشركة: فهي دليل على الإنصاف، فمن رأى كأنه شارك رجلاً، فإن كل واحد منهما ينصف صاحبه في أمر يكون بينهما.
ومن رأى كأنه شارك شيخاً مجهولاً، فإنه جده ويدل على أنه ينال إنصافاً في تلك السنة ممن كانت بينه وبينه معامله.
ومن رأى كأنه شارك شاباً مجهولاً، فإنه يجده من عدوه الإنصاف مع خوفه من بليته وظلمه وأذيته.وأما الوديعة: فمن رأى كأنه أودع رجلاً صرة، فإنه سره، وقيل إن المودع غالب والمودع.وأما العارية: فمن رأى كأنه استعار شيئاً أو أعاره، فإن كان ذلك الشيء محبوباً، فإنه ينال خيراً لا يدوم، فإن كان مكروهاً أصابته كراهية لا تدوم، وذلك أن العارية لا بقاء لها، وقيل من استعار من رجل دابة، فإن المعير يحتمل مئونة المستعير.وأما القرض: فمن رأى أنه يقرض الناس لوجه الله تعالى، فإنه ينفق مالاً في الجهاد لقوله تعالى"إن تقرضوا الله".وأما الضمان: فمن رأى كأنه ضمن عن إنسان شيئاً لرجل، فإنه يعلمه أدباً من آداب ذلك الرجل.وأما الكفالة: تجري مجرى القيد في التأويل وتدل على الثبات في الأمر وسواء في ذلك الكافل والمكفول، وقيل من تكفل للإنسان فقد أساء إليه.
ومن رأى كأن إنساناً تكفل به، فإنه يرزق رزقاً جليلاً لقوله تعالى"وكفلها زكريا".
ومن رأى كأنه تكفل صبياً، فإنه ينصح عدواً، لقوله تعالى"يكفلونه لكم وهم له ناصحون".وأما قضاء الدين: فمن رأى كأنه قضى ديناً أدى حقاً، فإنه يصل رحماً أو يطعم مسكيناً وييسر عليه أمر متعذر من أمور الدين وأمور الدنيا، وقيل إن أداء الحق رجوع عن السفر كما أن الرجوع عن السفر أداء للحق.وأما الإمهال: فيدل على العذاب لقوله تعالى"فمهل الكافرين أمهلهم رويداً".
ومن رأى كأنه أمهل رجلاً في غضب، فإنه يعذبه عذاباً شديداً.
التصنيفات
ابن سيرين

في السفر والمشي والركوب والطيران

السفر: يدل على الانتقال من مكان إلى مكان وعلى الانتقال من حال إلى حال وعلى المساحة، فمن رأى كأنه يسافر، فإنه يمسح أرضاً كما لو رأى أنه يمسح أرضاً، فإنه يسافر.وأما الرجوع من السفر فيدل على أداء حق واجب عليه، وقيل إنه يدل على الفرج من الهموم والنجاة من الأسواء ونيل النعمة لقوله تعالى"فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء". وربما تدل هذه الرؤيا على توبة الرائي من الذنوب لقوله تعالى"لعلهم يرجعون". فإن معنى التوبة الرجوع عن المعصية.
ومن رأى كأنه ركب دابة، فإنه يركب هو غالباً، وقيل إن ركوب الدواب كلها نيل عز ومراد، فإن لم يحسن ركوبها، فإنه يدل على اتباع الهوى، فإن ركبها وأحسن الركوب وضبط الدابة سلم من فتنة الهوى ونال المنى.وأما المشي: فمن رأى كأنه يمشي مستوياً، فإنه يطلب شرائع الإسلام ويرزق خيراً.
ومن رأى كأنه يمشي في السوق دل على أن في يده وصية، وإن كان أهلاً للوصية نالها لقوله تعالى"مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق".
ومن رأى كأنه يمشي حافياً دل على حسن دينه وذهاب غمه، وقيل إن هذه الرؤيا تدل على مصيبة في المرأة وطلاقها.وأما القفز: من رأى كأنه يقفز قفزات في الأرض بفرد رجل لعله به لا يقدر معها على المشي، فإنه يصيبه نائبة يذهب فيها نصف ماله ويتعيش بالباقي في مشقة وتعب.وأما الوثوب: من رأى كأنه وثب إلى رجل، فإنه يغلبه ويقهره لأن الوثوب يدل على القوة وقوة الإنسان في قدميه.
ومن رأى كأنه وثب من مكان إلى خير منه، فإنه يتحول من حال إلى حال أرفع منه عاجلاً.
ومن رأى كأنه وثب من الأرض حتى بلغ قرب السماء سافر حتى وافى مكة.
ومن رأى كأنه ركب عنق إنسان، فإنه يموت ويحمل المركوب جنازته، وقيل إن ركوب عنق الإنسان يدل على أمر صعب، فإن أسقطه من عنقه، فإن ذلك الأمر الذي طلبه لا يتم.وأما الهرولة: في أي موضع كان ظفر بالعدو، والقصد في المشي تواضع لله تعالى لقوله"اقصد في مشيك".والغيبة في الأرض من غير حفر إذا طال عمقها وظن أنه يموت فيها ولا يصعد منها مخاطرة بالنفس وتغرير بها في طلب الدنيا أو الموت في ذلك.والركض: على الدابة أو على الرجلين دال على سرعة ما يطلبه وعلى النجاة والأمن ممن يخافه لقول موسى كما أخبر عنه تعالى في القرآن"ففررت منكم لما خفتكم". إلا أن يكون هربه من الله تعالى أو من ملك الموت، فإنه مدرك هالك وبلوغ الغايات والمنى والكمال دال على النقص والزوال.وأما الطيران: فقد حكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أطير بين السماء والأرض، فقال: أنت تكثر المنى.
ومن رأى كأنه طاف فوق جبل، فإنه ينال ولاية يخضع له فيها الملوك، وقيل من رأى كأنه يطير، فإن كان أهلاً للسلطان ناله، وإن سقط على شيء ملكه، وإن لم يصلح للولاية دل على مرض يصيبه يشرف منه على الموت أو خطأ منه يقع في دينه، فإن طار من سطح إلى سطح، فإنه يستبدل بامرأته إمرأة أخرى، وقيل الطيران دليل السفر إذا كان بجناح، فإنه انتقال من حال إلى حال، فإن بلغ طيرانه منتهاه، فإنه ينال في سفره خيراً، وإذا طار من أرض إلى أرض نال شرفاً وقرة عين لما قيل: وإذا نبا بك منزل فتحول، فإن طار من أسفل إلى علو بغير جناح نالت أمنيته وارتفع بقدر ما علا، فإن طار كما تطير الحمامة في الهواء نال عزاً.
ومن رأى كأنه طار حتى توارى في جو السماء ولم يرجع، فإنه يموت.
ومن رأى أنه طار من داره إلى دار مجهولة، فإنه يتحول من داره إلى قبره.
ومن رأى أنه طار عرضاً في السماء دل على أنه يسافر سفراً أو ينال شرفاً، ومن وثب من موضع إلى موضع تحول من حال إلى حالة، والوثب البعيد سفر طويل، فإن اعتمد في وثبه على عصا اعتمد على رجل قوي منيع.
التصنيفات
ابن سيرين

في النكاح

من رأى أنه عريس ولم ير إمرأته ولا عرفها ولا سميت ولا نسبت له إلا أنه سمي عريساً، فإنه يموت أو يقتل إنساناً ويستدل على ذلك بالشواهد، فإن هو عاين إمرأته أو عرفها أو سميت له، فإنه بمنزلة التزويج.
ومن رأى أنه تزوج أصاب سلطاناً بقدر المرأة وفضلها وخطرها ومعنى إسمها وجمالها إن عرف لها إسماً أو نسب.
ومن رأى أنه طلق امرأته، فإنه يعزل عن سلطانه إلا أن يكون له نساء حرائر وإماء، فإنه نقصان شيء من سلطانه.
ومن رأى بعض أبناء الدنيا أنه ينكح زانية أصاب دنيا حراماً.وجميع النكاح في المنام إذا احتلم صاحبه فوجب عليه الغسل فليس برؤيا.
ومن رأى رجل أنه يأتي إمرأة معروفة، فإن أهل بيتها يصيبون خيراً في دنياهم.
ومن رأى أنه لم يغشاها ولكن نال منها بعض اللمم، فإن غنى أهل بيتها يكون دون ذلك لأن الغشيان أفضل وأبلغ.
ومن رأى أو رؤي له أنه ينكح أمه أو أخته أو ذات الرحم، فإن ذلك لا يراه إلا قاطع لرحمه مقصر في حقهم فهو يصل رحمه ويراجع.
ومن رأى أن إمرأته متصنعة مضطجعة معه فوق ما هي في هيئتها ومخالفة لذلك، فإنها سنة مخصبة تأتي عليه ويعرف وجه ما يناله منها، فإن كانت إمرأة مجهولة فهو أقوى ولكن لا يعرف صاحبها وجه ما يناله من السنة.
ومن رأى أنه ولد له غلام أصابه هم شديد، فإن ولد له جارية أصاب خيراً، وكذلك شراء الغلام والجارية.ولو رأت إمرأة لها زوج إنها تزوجت بآخر أصابت خيراً وفضلاً، وأما إن تزوجت المرأة زوجاً غير زوجها في المنام، فإنه نفع يدخل عليها أو على أهل بيتها أو زوجها من شريك يشاركه أو ولد يعاونه أو صانع يخدمه ويعمل له، وأما من نكح إمرأته في المنام، فإنه يظفر بما يحاوله في أمور صناعته.
ومن رأى الرجل المتزوج أنه تزوج بأخرى أصاب سلطاناً، ولو تزوج بعشر كان ذلك له صالحاً، كل ذلك إذا عاين إمرأته أو سميت له أو عرفها، وكذلك المرأة إذا تزوجت برجل مجهول ولم تعاينه ولا عرفته ولا سمي لها، فإنها تموت.
ومن رأى أنه يدخل على حرم المملوك أو يضاجعهن، فإنها حرمة تكون له بأولئك الملوك إن كان في الرؤيا ما يدل على بر وخير وإلا فإنه يغتاب تلك الحرم.وقال القيرواني: أما عقد النكاح للمرأة المجهولة إذا كان العاقد مريضاً مات، وإن كان مفيقاً عقد عقداً على سلطان أو شهد شهادة على مقتول لأن المرأة سلطان والوطء كالقتل والذكر كالخنجر والرمح سيما الإفتضاض الذي فيه جريان الدم عن الفعل، وإن كانت معروفة أو نسبت له أو كان أبوها شيخاً، فإنه يعقد وجهاً من الدنيا إما داراً أو عبداً أو حانوتاً أو يشتري سلعة أو ينعقد له من المال ما تقر به عينه، وإن تأجل وقته حتى يدخل بالزوجة وينال منها حاجته فيتعجل ما قد تأجل.
ومن رأى المضاجعة في الفراش الواحد واللحاف الواحد والمخالطة تجري مجرى النكاح والقبلة.
ومن رأى كأنه تزوج بأربعة نسوة يستفيد مزيداً من الخير لقوله تعالى"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع".
ومن رأى كأنه تزوج إمرأته رجل آخر وذهب بها إليه، فإنه يزول ملكه إن كان من الملوك وتبطل تجارته إن كان من التجار.
ومن رأى أنه زوج إمرأته لرجل وذهب بذلك الرجل إلى امرأته، فإنه يصيب تجارة رابحة زائدة، والعرس لمن يتخذه مصيبة ولمن يدعى إليه سرور وفرح إذا لم ير طعاماً.وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين فذكر له أنه ينكح أمه، فلما فرغ منها نكح أخته وكأن يمينه قطعت، فكتب ابن سيرين جوابه في رقعة حياء من أن يكلم الرجل بذلك، فقال: هذا عاق قاطع للرحم بخيل بالمعروف مسيء إلى والدته وأخته.
ومن رأى كأن الخليفة نكحه، نال ولاية، وإن نكحه رجل من عرض الناس أصاب فرجاً من الهموم وشفاء من الأمراض.
ومن رأى كأن شيخاً مجهولاً ينكح امرأته، فإنه ينال ربحاً وزيادة، فإن الشيخ جده، فإن نكحها شاب، فإن عدواً له يخدمه ويحثه على الظلم وسوء المعاملة، والمنكوح إذا كان محبوساً فرج عنه.
ومن رأى كأنه نكح جارية نال خيراً.
ومن رأى أنه ينكح إمرأة على غير وجه الإباحة، فإنه يطلب أمراً من غير وجهه ولا ينتفع به.
ومن رأى الرجل كأنه ينكح عبده أو أمته نال زيادة في ماله وفرحاً بما ملكه.
ومن رأى كأن عبده يجامعه، فإن عبده يستخف به، وقيل من رأى كأنه طلق زوجته استغنى لقوله تعالى"وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته". وقيل إن هذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يفارق ملكاً كان يصحبه، فإن النساء ذات كيد كالملوك والطلاق فراق، وقيل إن طلاق المرأة للوالي عزله وللصانع ترك حرفته، فإن طلقها رجعية، فإنه يرجع إلى شغله.
ومن رأى الوطء يدال على بلوغ المراد مما يطلبه الإنسان أو هو فيه أو يرجوه من دين أو دنيا كالسفر والحرث والدخول على السلطان والركوب في السفن وطلب الضال لأن الوطء لذة.
ومن رأى افتضاض البكر العذراء يدل على معالجة الأمور الصعاب كلقيا بعض السلاطين كالحرب والجلاد وافتتاح البلدان وحفر المطامير والآبار وطلب الكنوز والدواوين والبحث عن العلوم الصعاب والحكمة المخفية والدخول في سائر الأمور الضيقة، فإن فتح وأولج في منامه نجح في مطلوبه في يقظته، وإن انكسر ذكره أو حفي رأسه وأتته شهوته دون أن يولجه ضربه جده أو ضعفت حيلته أو استماله هواه عما أراد، أو بذل له مال عما طلبه حتى تركه على قدر المطالب في اليقظة.
ومن رأى أنه غيور، فإنه حريص.وأما نكاح المحرمات: فإن وطأه إياهن صلات من بعد إياس وهبات في الأم خاصة من بعد قطيعة لرجوعه إلى المكان الذي خرج منه بالنفقة والإقبال من بعد الصد إلا أن يطأهن في أشهر الحج أو يكون في الرؤيا ما يدل عليه، فإنه يطأ بقدمه الأرض الحرام ويبلغ منها مراده، وإن كانت قد تمت لذته وتكون نطفته ماله الذي ينفقه في ذلك المكان الطيب الذي لا يمله طالب، وإن رجع منه طالبته نفسه بالعودة إليه، ومن أحرز في يده شيئاً من نطفة أو رآها في ثوبه نال مالاً من ولد أو غيره.وأما مناكحة الميت: فإن المفعول به ينال من الفاعل خيراً، فأما الحي فلعله ينال من ميراثه أو من أحد من أهل بيته أو عقبه، وأما الميت فلعل الحي يتصدق عنده أو يصل أهله أو يترحم عليه، وإن كانت المنكوحة الميتة مجهولة، فإنه يحيا له أمر ميت يطلبه إما أرض خربة يعمرها أو بئر مهدومة يحفرها أو أرض ميتة يحرثها أو مطلب ميت يحييه بالطلب ووجود البيئة والأنصار إلا أن يضعف ذكره عند المجامعة أو يكسل عند الشهوة، فإنه يحاول ذلك ويعجز عنه.
ومن رأى أنه ينكح ذا حرمة من الموتى، فإن الفاعل يصل المفعول به بخير من صدقة أو نسك أو دعاء.
ومن رأى ميتاً معروفاً ينكح حياً وصل إلى الحي المنكوح خير من تركة الميت أو من وارثه أو عقبه من علم أو غيره، والقبلة بعكس ذلك لأن الفاعل فيها يصيب خيراً من المفعول به ويقبله.
ومن رأى أنه ينكح ميتاً معروفاً، فإن المفعول به يصيب من الفاعل خيراً من دعاء أو صلة.
ومن رأى أنه تزوج بامرأة ميته ودخل بها، فإنه يظفر بأمر ميت يحتاله وهو في الأمور بقدر جمال تلك المرأة، فإن لم يكن دخل بها ولا غشيها، فإن ظفره بذلك الأمر يكون دون ما لو دخل بها.ولو رأت إمرأة أن رجلاً ميتاً تزوجها ودخل بها في دارها أو عندها، فإن ذلك نقصان في مالها وتغير حالها وتفريق أمرها، فإن كان دخل بها الميت في دار الميت فهي مجهولة، فإنها تموت، وإن كانت الدار معروفة للميت فهي على ما وصفت نقصان في مالها، وقيل لو رأت إمرأة أن ميتاً نكحها، فإنها تصيب خيراً من موضع لا ترجوه كما أن الميت لا يرجى، وكذلك نكاح الرجل الميت، ومن نكح إمرأة في دبرها حاول أمراً من غير وجهه.ولو رأت إمرأة أن زوجها الميت ينكحها فإن كانت مريضة أو كان عندها مريض لحقه واتصل به وإلا كان ذلك شتاتاً في بيتها أو علة في جسمها إلا أن يكون مع ذلك ما يدل على الصلاح مثل أن يقول لها إني لست بميت أو ترى أنه مع ذلك قد دفع إليها تبناً أو وهبها شعيراً، فإنه خير يحيا لها لم تكن ترجوه أو قد يئست من ميراثه أو عقبه أو من زوج إن كانت أرملة أو من غائب يقدم عليه إن كان لها غائب.وأما نكاح الأنعام: المعروفة منها دليل على الإحسان إلى من لا يراه أو النفقة في غير الصواب إن كانت مجهولة ظفر بمن تدل عليه تلك الدابة من حبيب أو عدو ويأتي في ذلك ما لا يحل له منه، فإن كانت الدابة هي التي نكحته كان هو المغلوب المقهور إلا أن يكون عند ذلك غير مستوحش ولا كان من الدابة أو السبع وشبهه إليه مكروه، فإنه ينال خيراً من عدوه أو ممن لم يكن يرجوه، وقد يدل ذلك على وطء المحرمات من الإناث والذكران إذا كان مع ذلك شاهد يقويه.
ومن رأى أنه ينكح بهيمة معروفة، فإنه يصل بخيره من لا حق له في تلك الصلة ولم يؤجر على ذلك، فإن كانت البهيمة مجهولة، فإنه يظفر بعدو له في نفسه ويأتي في ظفره به ما لا يحل له ولا استحق العدو ذلك منه، وكذلك لو كان ما ينكح غير البهيمة من الطير والسباع ما خلا الإنسان.وأما الوطء في الدبر، فإنه يطلب أمراً عسيراً من غير وجهه ولعله لا يتم له ويذهب فيه ماله ونفقته ويتلاشى عنده عمله لأن الدبر لا تتم فيه نطفة ولا تعود منه فائدة كما يعود من الفرج.والزنى: من رأى كأنه زنى، فإنه يخون، وقيل يرزق الحج، وقيل إن الزنا بامرأة رجل معروف طلب مال ذلك الرجل وطمع فيه، والزاني بامرأة شابة واضع ماله في أمر محكم غير مضيع له، وإن أقيم الحد على هذا الزاني دل على استفادة فقه وعلم في الدين إن كان من أهل العلم وعلى قوة الولاية وزيادتها إن كان والياً.
ومن رأى أنه يجمع بين زان وزانية ولا يرى الزانية، فإنه رجل دلال يعرض متاعاً ويتعذر عليه.ورؤية الحيض: يدل للحامل على غلام.
ومن رأى الرجل أنه حائض وطىء مالا يحل وطؤه وأتى محرماً.
ومن رأى أنه نكح إمرأته وهي معرضة عنه فربما الثابت عليه دنياه، وإن رآها حاضت كسدت صناعته.
ومن رأى أن إمرأته حائض انغلق عليه أمره، فإن ظهرت انفتح عليه ذلك الأمر، فإن جامعها عند ذلك تيسر أمره.وأما الجنابة: فمن رأى أنه جنب اختلط عليه أمره، فإن اغتسل ولبس ثوبه خرج من ذلك، وكذلك المرأة.وأما القبلة: للشهوة، فإنها تجري مجرى النكاح ولغير الشهوة، فإن الفاعل يقبل على المفعول ويقصد إليه بمجيئه أو بسؤال وحاجة فينالها إن كان قد أمكنه منها أو تبسم له ولم يدفعه عنها ولا أنكر فعله ذلك عليه.وأما النظر إلى الفرج: فمن رأى كأنه نظر إلى فرج إمرأته أو غيرها من النساء نظر شهوة أو مسه، فإنه يتجر تجارة مكروهة.
ومن رأى أنه نظر إلى إمرأة عريانة من غير علمها، فإنه يقع في خطأ وزلل.وأما تشبه المرأة بالرجل: فإن رأت المرأة كأن عليها كسوة الرجال وهيئتهم، فإن حالها يحسن إذا كان ذلك غير مجاوز للقدر، فإن كانت الثياب مجاوزة للقدر، فإن حالها يتغير مع خوف وحزن.وإن رأت كأنها تحولت رجلاً كان صلاحها لزوجها.وأما التخنث: فمن رأى كأنه مخنث أصاب هولاً وغماً.
التصنيفات
ابن سيرين

الأضداد كالصعود والهبوط

من رأى أنه صعد جبلاً دل على حزن وسفر، فإن صعد في السماء حتى بلغ نجومها، فإنه يصيب شرفاً ورياسة.
ومن رأى أنه لما صعد فيها تحول نجماً من النجوم التي يهتدي به نال الإمامة.والهبوط من السماء بعد صعودها ذل بعد العز، وقيل هو نيل نعمة الدنيا مع رياسة الدين، وإذا رأى الهبوط من الجبل نال الفرح، وقيل إنه يدل على تغيير الأمر وتعذر المراد.وأما البخل: فهو الذم.
ومن رأى أنه يبخل، فإنه يذم كما أنه لو يرى أنه يذم، فإنه يبخل.وإنفاق المال: على الكره دليل اقتراب الأجل لقوله تعالى"وانفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت". وإذا أنفق عن طيب نفس منه أصاب خيراً ونعمة لقوله تعالى"وانفقوا خيراً لأنفسكم". وقوله تعالى"وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه".وأما الهبة: فمن رأى كأنه وهب لرجل عبداً، فإنه يرسل إليه عدوأ.واللجاجة: فرار، فمن رأى كأنه يلج، فإنه يفر من أمر هو فيه كائناً ما كان من ولاية أو تجارة أو صناعة أو خصومه ويدل أيضاً على نفور الناس عن موعظة واعظ أو تعظيم عالم لقوله تعالى"بل لجوا في عتو ونفور".وأما المصالحة: فمن رأى كأنه يدعو غريماً إلى الصلح من غير قضاء دين، فإنه يدعو ضالاً إلى الهدى، ومصالحة الغريم على شطر المال نيل خير.وأما الكبر: فمن رأى كأنه تكبر لتمسكه بدور الدنيا وفوزه بنعيمها، فإنه يدل على نفاد عمره.والتبختر: بدعة في الدين، لقوله تعالى"واقصد في مشيك". ويدل على إصابة شرف في الدنيا زائل عن قريب.والتواضع: ظفر وعلو ورفعة لما روي في الأخبار من تواضع لله رفعه الله.والكذب: دليل على أن صاحب الرؤيا لا عقل له، خصوصاً إذا رأى كأنه يكذب على الله لقوله تعالى"يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون".والصدق: الإيمان، فمن رأى من الكفار أنه صدق، فإنه يؤمن كما لو رأى مؤمن أنه آمن، فإنه يصدق.وأما الفقر: فمن رأى أنه فقير، فإنه يصيب طعاماً كثيراً لقوله تعالى حكاية عن موسى"رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير".والغنى: هو الفقر، فمن رأى أنه يغتني، فإنه يفتقر.وأما الخوف: فيدل على التوبة وكل خائف تائب، وقيل من رأى كأنه خائف فاز من الخوف، ونال رياسة.
ومن رأى الأمن خوف.وأما الغم: فدال على السرور، وقيل هو الغم بعينه.والفرح: هو الغم، لقوله تعالى"لا يحب الفرحين".وأما الجحود: فعلى ضربين: جحود حق وجحود باطل، فمن رأى أنه جحد باطلاً، فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ومن رأى كأنه جحد حقاً، فإنه يكفر لقوله تعالى"وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون".وأما الإقرار: إن رأى أنه أقر بعبودية إنسان فهذا إقرار بعداوته، والإقرار على النفس بالذنب والمعصية نيل عز وشرف وتوبة لقوله تعالى حاكياً عن آدم وحواء"قالا ربنا ظلمنا أنفسنا". والإقرار بقتل الإنسان يدل على نيل ولاية أو رياسة أو أمن لقصة موسى قتلت منهم نفساً.وأما الإحسان: فيدل على نجاة صاحب الرؤيا.والإساءة: تدل على هلاكه.وارتكاب الذنب: يدل على ركوب صاحبه الدين كما أن الدين يدل على ارتكاب الآثام.والتوبة: تدل على نيل ملك وإصابة شرف وبركة بعد احتمال بلية.
التصنيفات
ابن سيرين

ذكر أنواع من البلايا

أما اليأس من الأمر: هو دليل الفرج والنجاة لقوله تعالى"فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا"وقوله تعالى"حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا".وأما اليتيم: من رأى كأنه يتيم، فإن غيره يلعب في أمره إمرأة أو مال أو تجارة وما أشبه ذلك.والوجع: ندامة من ذنب، وقيل إن من رأى أنه مستريح، فإنه يكد.والكد: راحة.والفزع: يدل على اكتساب مظالم وارتكاب مآثم.
ومن رأى أنه مات من الفزع مات فقيراً والمظالم باقية في ذمته.والعزل: عهد كما أن العهد عزل، وقد قيل أنه يدل على طلاق المرأة.وعبوس الوجه: يدل على بنت لقوله تعالى"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودأ وهو كظيم".وأما التعثر: فمن رأى كأن إبهام رجله عثرت في الأرض، اجتمع عليه دين، فإن خرج منها دم نابتة نائبة، وقيل إنه يصيب مالاً حرامأ.وأما العري: فمن رأى أنه نزع ثيابه ظهر له عدو مكاتم غير مجاهر بالعداوة بل يظهر المودة والنصيحة، وقال الله تعالى"يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما".
ومن رأى كأنه عريان في محفل، فإنه يفتضح، وإن كان عرياناً في موضع وحده، فإن عدوه يطلب عثراته فلا يجد مراده من هتك ستره.والطرد: غير محمود في التأويل، فمن رأى أنه طرد أحداً من أهل الفضل أو هول أو صاح عليه، فإنه يقع في أمر هائل ويغلبه عدوه.وأما السرقة: فإن السارق المجهول ملك الموت، والسارق المعروف يستفيد من المسروق منه علماً أو موعظة أو منفعة.
ومن رأى كأن سارقاً مجهولاً دخل بيته وسرق طسته أو ملحفته أو قمقمته ماتت إمرأته وسرقة الدار أيمة تتزوج.والسفه: جهل، فمن رأى أنه سفه جهل لقوله تعالى". فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً".والذلة: نصرة في التأويل.والخسران: ذنب.والخيانه: زنا.والحبس: ذل وهم، وقيل إن الحبس في السجن يدل على نيل ملك بدليل قصة يوسف، والحبس في البيت المجصص المجهول المنفرد عن البيوت دليل الموت والقبر.
ومن رأى كأنه موثق في بيت مغلق عليه، فإنه ينال خيراً.والحمل الثقيل: فجار السوء.وإصابة البؤس: دليل الإفتقار.والضلالة عن الطريق: خوض في باطل، والاهتداء بعد الضلالة إصابة الخير والفلاح.
التصنيفات
ابن سيرين

أكل الإنسان لحم نفسه

من رأى أنه أكل لحم نفسه، فإنه يأكل من مدخور ماله ومكنوزه، فإن أكل لحم غيره، فإن أكله نيئاً يغتابه أو أحد أقربائه، وإن أكله مطبوخاً أو مشوياً، فإنه يأكل رأس مال غيره.
ومن رأى كأنه يعض لحم نفسه ويقطعه ويطرحه إلى الأرض، فإنه رجل لماز.وأكل المرأة لحم المرأة مساحقة أو مغالبة، وأكل المرأة لحم نفسها دليل على إنها تزني وتأكل كد فرجها، وأكل لحم الرجل في التأويل مثل أكل لحم المرأة، وكذلك أكل لحم الشاب أقوى في التأويل من أكل لحم الشيخ.
ومن رأى أنه يأكل لحم لسان نفسه أصاب منفعة من قبل لسانه، وربما دلت هذه الرؤيا على تعود صاحبها السكوت وكظم الغيظ والمداراة.
ومن رأى أنه يأكل من رؤوس الناس أو يطعمها غيره أو ينال منها شعراً أو عظاماً، فإنه يصيب مالاً من رؤساء الناس وعظمائهم، فإن أكل من أدمغتهم، فإنه يصيب من ذخائر أموالهم، وكذلك رؤوس البهائم والسباع إلا إنها دون رؤوس الناس في الشرف.
ومن رأى رؤوس الناس مقطوعة في بلدة أو محلة أو بيت أو على باب دار، فإن رؤوس الناس يأتون ذلك الموضع ويجتمعون فيه، وقيل من رأى أنه يأكل لحم نفسه أصاب مالاً وسلطاناً عظيماً.
ومن رأى أنه يأكل لحم مصلوب أو لحم أبرص أو لحم مجذوم، فإنه يصيب مالاً عظيماً حراماً.
ومن رأى أنه عانق رجلاً ميتاً أو حياً، فإنه تطول حياته، وكذلك المصافحة.
ومن رأى أنه يأكل من لحم نفسه أو لحم غيره وكان لم يأكل أثر ظاهر أكل من ماله أو من مال غيره، فإن لم يكن له أثراً اغتاب إنساناً من أهل بيته أو غيرهم، ومن أكل لحم المصلوب أكل مالاً حراماً من رجل رفيع القدر إذا كان لما يأكل أثر.
التصنيفات
ابن سيرين

النوم والإستلقاء

النعاس: أمن لقوله عز وجل"إذ يغشيكم النعاس أمنة منه". والنوم غفلة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، وورد في الدعاء: نبهنا من نوم الغافلين.وأما الإستلقاء: فمن رأى كأنه مستلق على قفاه قوي أمره وأقبلت دولته وصارت الدنيا تحت يده لأن الأرض مسند قوي ولأن من استلقى على قفاه وكان فمه منفتحاً فخرج منه أرغفة، فإن تدبيره ينتقص ودولته تزول وبفوز بأمر غيره.
ومن رأى كأنه منبطح، فإنه يذهب ماله وتضعف قوته ولا يشعر بجري الأحوال ولا يدري كيف تصرف الأمور، وذلك أنه إذا نام على هذه الصفة جعل.والتثاؤب: مرض وطيب النكهة حسن المحضر.والضحك: حزن، لقوله تعالى"فليضحكوا قليلاً". وهو أيضاً بشارة بغلام لقوله تعالى"فضحكت فبشرناها بإسحق". والتبسم محمود.والغطيط في النوم: يدل على غفلة صاحب الرؤيا وانخداعه لمن خدعه، وأما رفع الصوت فارتفاع على قوم في منكر بدليل قوله تعالى"واغضض من صوتك".والإنتباه من النوم: يدل على حركة الجد وإقباله.وقال القيرواني: إن النوم على البطن ظفر بالأرض والمال والأهل والولد.والرقاد على الظهر: تشتيت وذلة وموت، وربما دل على فراغ بالأعمال والراحة من الأحزان إذا كان حامداً لله عز وجل.والنوم على الجنب: خير أو مرض أو موت.
ومن رأى أنه مضطجع تحت أشجار كثر نسله وولده.
التصنيفات
ابن سيرين

العطش والجوع

أما العطش: في التأويل هو خلل في الدين، فمن رأى أنه عطشان وأراد أن يشرب من نهر فلم يشرب، فإنه يخرج من حزن لقوله تعالى في قصة طالوت"إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني". وقيل من أراد أن يشرب فلم يشرب لم يظفر بحاجته، ومن شرب الماء البارد أصاب مالاً حلالاً، وإذا رأى أنه ريان من الماء دل على صحة دينه واستقامته وصلاح حاله فيها.وأما الجوع: فإنه ذهاب مال وحرص في طلب معاش.والأكل: يختلف في أحواله، وقيل الجوع خير من الشبع والري خير من العطش، وقيل من رأى أنه جائع أصاب خيراً ويكون حريصاً.
ومن رأى أن غيره دعاه إلى الغداء دلت رؤياه على سفر غير بعيد لقوله تعالى"لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا". فإن دعاه إلى الأكل نصف النهار، فإنه يستريح من تعب، فإن دعاه في العشاء، فإنه يخدع رجلاً ويمكر به قبل أن يخدعه هو.
ومن رأى أنه أكل طعاماً وانهضم، فإنه يحرص على السعي في حرفته.والشبع: تحصيل المعاش وعود المال.